بلغ عجز الغاز في إيران حوالي 200 مليون متر مكعب، ما يعني أن الاعتماد فقط على المرحلة الـ 11 من "بارس الجنوبي" لا يمكن له أن يعوض جميع معدلات عجز الغاز في البلاد.
plusresetminus
هل تدشين المرحلة 11 من بارس الجنوبي يمكن أن ينقذ إيران من عجز الغاز؟
موقع نفت آرا التحليلي الإخباري- افتتحت إيران منذ أيام، المرحلة الـ 11 من حقل بارس الجنوبي الغازي العملاق المشترك مع قطر. فمع تدشين هذه المرحلة سترتفع الطاقة الإنتاجية لبارس الجنوبي من الغاز بمقدار 15 مليون متر مكعب يوميًا، لتصل إلى 56 مليون متر مكعب يومياً.
يعد حقل بارس الجنوبي والذي يعرف أيضاً بـ “حقل الشمال” أكبر حقل غازي في العالم، حيث يقع حوالي ثلث مساحته في المياه الإقليمية لإيران وما تبقى منه في أراضي قطر. وقد جعل الانحدار الطبيعي السلبي لهذا الحقل باتجاه جنوب إيران، حوالي 15% من موارده تحت تصرف إيران.
مما لا شك فيه، عندما تهيمن دولتان على أكبر حقل للغاز في العالم، فمن الطبيعي حدوث منافسات من قبلهما من أجل استخراج موارد هذا الحقل. ومن هنا تتضح أهمية المرحلة الـ 11، فإن المرحلة 11، إذا تم تطويرها بالكامل واستخراج الحد الأقصى منها، يمكن أن تكون المرحلة الأكثر فعالية من أجل زيادة حصة إيران من هذا الحقل.
استغلال الفرص
يقول الخبراء في هذا الشأن أن تطوير هذه المراحل من قبل الخبراء الإيرانيين، التي جاءت بعد عشرين عاماً إثر تخلي شركة توتال إنرجيز الفرنسية وشركات أجنبية أخرى عن تنفيذها، تعد خطوة مهمة للغاية في اتجاه زيادة الطاقة الإنتاجية للغاز ومكثفات الغاز في إيران.
ويأتي تدشين هذه المرحلة في ظل التوقعات التي تؤكد على انخفاض في الضغط في حقول إيران الغازية الحالية خلال الأعوام المقبلة. السيناريو هذا إن لم يتم تجاوزه ووضع خطط محكمة لتشغيل الحقول البديلة، فستواجه إيران بالتأكيد أزمات غير مسبوقة في نقص الغاز في البلاد. فهل يعد تدشين هذه المرحلة مقدمة للإجراءات التي تدعي الحكومة بأنها مهمة وفعالة لتفادي أزمة غاز مستقبلية في البلاد؟ دعونا نتناول الجوانب المختلفة لهذا الحدث المهم والفعال بتفصيل أكثر.
نهاية البداية
تعود بداية أحداث المرحلة الـ 11 من حقل غاز بارس الجنوبي إلى أكثر من 20 عاماً. ففي عام 2000، وقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية لتطوير الجزء الشمالي من المرحلة 11 من هذا الحقل.
وبعد فترة وجيزة من هذه المذكرة، بادرت شركة بتروناس ماليزيا إلى تطوير الجزء الجنوبي من هذه المرحلة. واستمرت الدراسات المتخصصة للأبعاد المختلفة لهذا المشروع حتى عام 2006 تقريبًا، ولكن بين عامي 2006 و2008، وبسبب ارتفاع أسعار الصلب العالمية وعدم وفاء “توتال” بعهودها انسحبت هذه الشركة الفرنسية من هذا المشروع لتفسح المجال للشركات الأجنبية الأخرى بتولي أمور تطوير هذا الحقل.
في عام 2009 أخذت شركة CNPC الصينية زمام المبادرة وتحملت مسؤولية تطوير هذه المرحلة بعقد تجاوزت قيمته الـ 4 مليارات دولار والتزمت بإيصال هذه المرحلة إلى مرحلة الإنتاج الأولية خلال 52 شهرا. إلا أن إيران سرعان ما قامت بفسخ عقدها معها في عام 2013 على خلفية عدم الوفاء بعهودها على غرار شركة توتال.
وفي أغسطس 2013، وقعت طهران مع شركة “بتروبارس” عقداً بهدف تطوير هذه المرحلة. حيث كانت المرة الأولى التي يعهد فيها تطوير هذه المرحلة إلى شركة إيرانية، ولكن بعد حوالي ثمانية أشهر فقط، انسحبت شركة بتروبارس من هذا المشروع، ليعلن وزير النفط آنذاك أن تطوير المرحلة الـ 11 لحقل بارس الجنوبي لم يعد من أولوليات الوزارة، مؤكداً أنه سيقوم بتحديد تفاصيل هذه المرحلة في وقت آخر.
بعد إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة، أبدت الشركات الأجنبية مرة أخرى استعدادها لقبول العمل في هذا المشروع. حيث تم إسناد مهام تطوير هذه المرحلة إلى ثلاث شركات في عام 2017، علماً أنه سبق لكل منها أن انسحبت من المشروع مرة واحدة. وبلغت حصة توتال وقتذاك من هذا العقد نحو 4.8 مليار دولار أي حوالي 50.1%، أما الشركة الوطنية الصينية ما نسبته 30% وبتروبارس 19.9%.
تكررت مجدداً قضية انسحاب الشركات واحدة تلو الأخرى من حقل بارس الجنوبي، لتكون توتال أول شركة تتخذ هذه الخطوة في أغسطس 2018، مستشهدةً بعدم تمكنها من الحصول على إعفاءات من العقوبات الأمريكية لمواصلة العمل في هذا المشروع. بعد انسحاب توتال، تم تسليم نحو 80% من المشروع إلى الشركة الصينية، لتفسخ هي الأخرى عقدها بعد نحو عام وتنسحب من هذا المشروع.
تولت في النهاية شركة بتروبارس الإيرانية منفردة المسؤولية الكاملة لمهام المشروع. ما جعل عملية تطوير المرحلة الـ 11 تتقدم بوتيرة بطيئة نسبياً حتى عام 2022، غير أن إعلان حالة الطوارئ بشأن الغاز في إيران خلال الشتاء، جعل المشروع يتقدم بسرعة أكبر، لتبقى عقبة كبيرة ضربت أطنابها أمام تطوير هذا المشروع.
تطلب تطوير المرحلة 11 بناء منصة جديدة، والتي قد يستغرق بناؤها ما بين 3 و5 سنوات. كان الخبر هذا متوقعاً بالنسبة للمتخصصين هناك كونهم تطرقوا إلى هذه المهمة أثناء طرح مشروع العمل. ما دفعهم في نهاية الأمر لاقتراح نقل إحدى المنصات من المرحلة الـ 12 من الحقل الغازي والتي تعاني من تراجع في كميات الإنتاج.
ووفق تقریر لموقع مشرق الإيراني، فقد كانت عملية نقل هذه المنصة غاية في الصعوبة ومحفوفة بالمخاطر من كل الجوانب، مع هذا، قبِل الخبراء الإيرانيون تنفيذ هذه العملية رغم الشح الحاد في المعدات الأساسية في البلاد بعد تكثيف العقوبات الأمريكية، وقاموا بإنهائها بنجاح منذ أيام والبدء في استخراج الغاز من هذا الحقل.
وتجدر الإشارة إلى أنه من أجل الوصول إلى أقصى قدر ممكن من استخراج الغاز من هذا الحقل، أي 15 مليون متر مكعب يوميا، لا تزال هناك خطوات أخرى متبقية للتطوير والانتهاء النهائي لهذه المرحلة.
انفراجة في السوق المحلي؟
واجهت إيران في السنوات الماضية تحديات عديدة في سوق الغاز، خاصةً في المواسم الباردة، حيث شهدت عدة مدن في البلاد انقطاعات مستمرة للغاز المنزلي في ذروة البرد وانخفاض درجات الحرارة.
وفي أواخر يناير الماضي، قال الرئيس التنفيذي الأسبق لشركة الغاز الإيرانية، إن عجز الطاقة في البلاد حالياً يبلغ 200 مليون متر مكعب، وحذر من استمرار هذا الاتجاه وإلا أصبح هذا الرقم 450 مليون متر مكعب بحلول عام 2031.
وفي الفترة المنصرمة، كشف مدير التخطيط المتكامل لدى شركة الغاز الوطنية الإيرانية عن نمو بنسبة 10٪ في صادرات الغاز العام الإيراني الماضي (المنتهي في 20 آذار/ مارس)، وقال إن معدل حرق الغاز في مشعل حقل بارس الجنوبي الغازي انخفض من 3.2 مليار متر مكعب إلى 1.8 مليار متر مكعب.
وبالعودة إلى انقطاعات الغاز المنزلي و”الصناعي” أيضاً والتي حدثت بسبب عجز الغاز في البلاد، يقول الخبراء إن توفير هذه القدرة يتطلب تحديد المشروع بجداول زمنية معينة وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً ليس في مقدور حكومة واحدة تقليصه.
إذن، من أجل تفادي هذه الأزمات، كان لا بد على الحكومات السابقة اتخاذ هذه الإجراءات منذ عدة سنوات وتطوير مشروع الغاز، بل وتشغيل حقول بديلة أيضاً. بمعنى أقرب، كان يتعين على الحكومة تحديد مشاريع متعددة السنوات لتعويض عجز الغاز في البلاد إلى حد ما، لكن ما حصل هو إتكاء الحكومات على بعضها البعض والأمل بحل هذه المشاكل عبر الشركات الأجنبية دون اللجوء إلى الخبرات المحلية التي برز دورها اليوم بكل قوة.
انتهي/.
https://naftara.ir/vdcgt39q.ak9zt4r,ra.html
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني